كلمة رئيس الوزراء نتنياهو في المراسم الافتتاحية الرسمية لإحياء ذكرى الكارثة والبطولة التي أقيمت في مؤسسة ياد فاشيم

أيها الحاضرين الكرام وفي طليعتكم الناجين من المحرقة، أبطال الروح الذي انطلقوا من ظلام الهلاك إلى نور الحياة الجديدة في دولة إسرائيل.

إن الأحداث التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية تدل على أن الوقوف أمام الشر والعدوانية يشكل رسالة تقع على عاتق الأجيال كافة فليس هناك أي جيل يعفى من هذه المهمة وويح للجيل الذي يتملص منها. لقد شاهدنا الصليب المعقوف الذي رفعه المشاغبين بالقرب من الأسيجة بمحاذاة غزة. كما شاهدنا الأولاد السوريين ممن تم ذبحهم بالأسلحة الكيماوية. فتمزق قلبنا بتلك المشاهد الفظيعة.

هناك عبرة واحدة ترافقنا منذ وقوع المحرقة النازية مفادها أن الشر القاتل طالما لم تتم مجابته فهو ينتشر سريعاً فيشكل تدريجياً الخطر على البشرية بأسرها. وهذه كانت الرسالة الأساسية التي نقلتها خلال مؤتمر الأمن العالمي الذي انعقد في ميونخ قبل شهرين. إنني قد جئت إلى ميونخ بصفتي رئيساً لحكومة إسرائيل، وانطلاقاً من إدراكي لتلك الوقائع الصعبة التي حدثت في هذه المدينة. فمن ميونخ شرع العدو النازي في نشر عنصريته العلمية الرهيبة. كما كانت ميونخ تلك المدينة حيث أبرم زعماء العالم الحر قبل 80 عاماً الاتفاقية المهادنة مع الجهة المعتدية.

إنهم التمسوا تفادي الحرب لكن التنازلات التي قدموها لم تتسبب إلا في تعجيلها وتضخيم أضرارها وأدت إلى احتلال القارة الاوروبية برمتها. إن عدم استعداد الدول الغربية العظمى للتصدي لنظام الطغيان وعدم استعدادها لدفع ثمن صد العدوان في مرحلة مبكرة قد كلّف البشرية ثمناً أغلى بكثير يتمثل في 60 مليون من البشر الذين هلكوا إبان الحرب العالمية الثانية ومن ضمنهم ستة الملايين من أبناء شعبنا.

وحيث أننا نملك دولة مستقلة فإسرائيل لن تسلك ذلك الطريق الخاطئ. إننا نصد العدوان في أوجه، وهذا ليس بالكلام الفاضي فندعمه بالأفعال. يمكن تلخيص سياستنا بثلاث كلمات: الحزم مقابل العدوان. الحزم عند الدفاع والحزم عند الردع والحزم عند الهجوم والحزم أمام كل من يتوعد بإبادتنا. فاليوم أيضاً يوجد نظام متطرف يهدد سلامة العالم. إن ذلك النظام يعلن بوضوح عن نيته في إبادتنا أي إبادة دولة اليهود.

وهناك الذين يتوهمون، على غرار ما حدث في ميونخ، في عام 1938 أن الاتفاقية التي أبرمت مع النظام الإيراني وذلك النظام القاتل الإجرامي ستوقف عدوانه، إلا أننا على مدار التاريخ قد شاهدنا المرة تلو الأخرى كيف تشكل الاتفاقيات المبرمة مع تلك الأنظمة مجرد حبر على الورق. فهذا مع حدث في حالة اتفاقية ميونخ وهذا ما يحدث اليوم بالنسبة للاتفاقية النووية. فما عدا أن الاتفاقية النووية لم تنجح في التقليص من حدة عدوانها إنها زادت منها. فتلك الاتفاقية تتغاضى المساعي الإيرانية الرامية نحو تطوير صناعة الدمار من الصواريخ البالستية بينما يسمح لها بتخصيب كميات هائلة من اليورانيوم مستقبلاً بغرض تكوين ترسانة كاملة من القنابل الذرية. وقبل كل ذلك، إن الاتفاقية كانت قد أطلقت عنان النظام الإيراني ليفترس الدولة تلو الأخرى، مثلما جرى في أوروبا أثناء الثلاثينيات من القرن الماضي.

لديّ رسالة أود نقلها لحكام إيران – لا تختبروا عزم دولة إسرائيل كما لدي رسالة للشعب الإيراني – إن إسرائيل ليست عدوكم وإنما نظام الطغيان الذي يقهركم. ولما سيزول ذلك النظام من وجه الأرض، وسوف يزول في نهاية المطاف، فكلا شعبانا العريقان – اليهود والفرس – سيستطيعان العيش سويةً مجدداً بأجواء من التعاون والأخوة.

أيها الأعزاء، إننا لا نغض أبصارنا عن المخاطر وفي الآن ذاته لا نخاف منها. فبينما كنا ضعفاء وعزل وبلا صوت خلال المحرفة النازية ففي الحقيقة لم يُسمع صوتنا إطلاقاً، لدينا اليوم دولة قوية وجيش قوي فصوتنا يُسمع وسط الشعوب. ويُسمع أكثر من مرة وسط أكبر الشعوب. إن الجميع يعلم أن دولة إسرائيل عبارة عن الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط. فمرة تلو الأخرى إننا نقف على جبهة المعركة ضد الإرهاب وضد الطغيان ومع الحرية.

وتعدّ النهضة – أي نهضة شعبنا ونهضة وطننا ونهضة دولتنا الذي ستبقى إلى أبد الأبدين بعون الله ومن خلال الإيمان والإصرار الانتقام على ما حل بنا إبان المحرقة. الذي ينفخ فينا الإيمان ويمنحنا الأمل هي الشهامة بمعنى شهامة الناجين وشهامة المتمردين في الغيتوهات والمعسكرات الذين وضعوا صوب عيونهم بقاء وكرامة الشعب اليهودي. بحيث يمنح لنا الحق في تحقيق حلمهم هنا على أرض صهيون وفي أورشليم وفي إسرائيل التي تحتفل بالعام الـ 70 منذ استقلالها.

طيب الله ذكرى شهدائنا، أخوتنا وأخواتنا، الذين قُتلوا وأدامه في ذاكرة شعبنا إلى أبد الأبدين.