تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية 25.3.18

نحيي اليوم ذكرى مناسبتين لا يساورني شك أنهما ستُعتبران تاريخيتين على المدى الطويل، تتمثل إحداهما في حقيقة إطلاق شركة الطيران الهندية "إير إنديا" لرحلة جوية مباشرة وصلت إسرائيل قبل عدة أيام، في إطار الخط المباشر الذي يربط الهند بتل أبيب. إن دلالة ذلك واضحة للجميع، حيث تحمل هذه المناسبة بين طياتها مغزى سياحي واقتصادي وتكنولوجي وسياسي وغيره  من الدلالات البالغة الأهمية.
 
سينمو الاقتصاد الإسرائيلي بطريقتين – إما من خلال المنتجات الجديدة أو الأسواق الجديدة. ما قمنا به هنا يشكل انطلاقة إلى أسواق جديدة عملاقة فيعدّ بمثابة تغيير كبير للغاية. وآمل بأن يكون هدفنا المنشود أن تشمل الرحلات الجوية المقبلة كذلك إطلاق الرحلات المباشرة من تل أبيب إلى مومباي في غضون خمس ساعات، أي بفترة تقل عن الفترة التي يستغرقها السفر من تل أبيب إلى لندن. فبالتالي يدور الكلام هنا عن حدث له دلالة عظيمة.
 
فدعوني أن أتوجه بالشكر في المقام الأول للأشخاص الذين يرافقونني منذ بضع سنوات في هذا العمل وعلى رأسهم يتسحاق مولخو وبعده ياريف ليفين وإيلي غرونير وطبعاً إسرائيل كاتس وسلطة الطيران المدني. إنها أشياء تكوّنت ونضجت بمرور الوقت بحيث أنها تخلق إمكانيات هائلة أمام دولة إسرائيل. أعتقد بأن دلالاتها الطويلة المدى ستتضح لاحقاً، إلا أنه في المرحلة الحالية لا أجد ضرورة للإسهاب في الكلام عن ذلك ما عدا الذي ذكرته للتو، بغية فتح المجال لحدوث تلك التطورات.
 
كما أود أن أشكر مئير بن شابات على المساعدة التي قدمها لشركة "إير إنديا" وذلك أسوة بالشخص الذي شغل منصبه قبله فأنتما تستحقان ذلك. إنها عبارة عن عملية طويلة، يتم معظمها في طي الكتمان بحيث من المفضل أنها ستبقى على هذا النحو حالياً، ولكنني أشكرك يا مئير على هذا العمل الهام الذي أنجزته.
 
أما الأمر الثاني الذي نقوم به فله دلالة تاريخية وأقصد استثمار قرابة مليار شيكل على الصحة الرقمية. إننا نطور صناعات الغد التي تشكل في الواقع صناعات الحاضر والتي تعتمد على الدمج ما بين ثلاثة عناصر – قواعد البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والاتصال الاجتماعي. بحيث يخلق الدمج بين هذه العناصر الصناعات الجديدة ومن ضمنها على سبيل المثال صناعة السايبر التي تعتمد على ذلك بالضبط. إننا نعدّ من بين الدول الرائدة عالمياً في صناعة السايبر وحماية السايبر بالاعتماد على هذه المبادئ الثلاث. وناهيك عن ذلك، لقد طورنا هنا خلال السنوات القليلة الماضية صناعة أخرى ألا هي صناعة المركبة الذاتية القيادة التي تعتمد على نفس الأشياء. إننا نعدّ فعلاً من بين الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال أيضاً، وذلك من العدم على ما يبدو.
 
قبل عامين ونصف طرحت اتجاهاً آخر وهو الصحة الرقمية التي تتيح قدراً أكبر من الإمكانيات مقارنةً مع السيابر فحجمها ضخم وأكبر من مجال المواصلات الذي يعدّ ضخماً أيضاً. بحيث يقدر مجال الصحة الرقمية هذا بستة البلايين من الدولارات ولو افترضنا أننا سنحصل على حصة سوق واقعية تضاهي عشرة بالمئة من هذه الإمكانيات وهذا السوق الدولي خلال السنوات المقبلة فإن ذلك يساوي حسب التقديرات المعتدلة سوقاً بقيمة ست مائة مليار دولار، وإذا حققنا نجاحاً على غرار نجاحنا في السايبر والمركبة الذاتية القيادة وصناعات السيارات لدينا، فنتوقع هنا زيادة ملموسة فيما يتعلق بالمنتجات الجديدة. وبينما تكون الهند عبارة عن أسواق جديدة يدور الحديث هنا عن الأسواق والمنتجات الجديدة على حد سواء.
 
ما هي تلك المنتجات الجديدة؟ تملك إسرائيل قاعدة معلومات ضخمة تكاد أن تشمل كافة الفئات السكانية، ونتكلم عن عدد سكان كبير نسبياً مقارنةً مثلاً مع دول البلطيق التي يدرج عدد سكان إحداها البالغ مليون نسمة ضمن هذه المخزون، في حين أنه يوجد لدينا حوالي 9 ملايين نسمة. إنها قاعدة بيانات تركز على السجلات الصحية الخاصة بكل منا خلال السنوات العشرين الماضية، مما يعني أنه يكون بحوزتنا أصل هائل نعتني بإتاحته أمام الباحثين والمطورين والشركات من أجل الحصول على أمرين – أولهما الطب الوقائي أما ثانيهما فهو الطب الشخصي والملائم شخصياً لكل شخص. وذلك منوط بطبيعة الحال بالحصول على موافقة كل شخص على حدة، بحيث يتم الحفاظ بصورة مطلقة على حقه في الإفصاح عن بياناته الشخصية أو بخلاف ذلك شمله ضمن المجموعة العامة فقط. إن المجموعة العامة بحد ذاتها تحظى بقيمة عظيمة. إننا نحقق بذلك طفرة هائلة على الصعيد العالمي، مما يجذب اهتماماً كبيراً من الشركات العالمية التي التقيت بالفعل مع العديد منها، بحيث تكون جميعها معنية بالقدوم إلى هنا ولها الحق في ذلك فهي تلاحظ الإمكانيات الكامنة في هذا الاتجاه الجديد.
 
إن النجاح غير مضمون. ولكن أعتبر هذا الاستثمار بمبلغ 960 مليون شيكل غير كبير نسبياً، مع أنه عبارة عن استثمار مهم تبادر إليه الحكومة بغرض الإمساك بصناعات المستقبل وجلبها إلى هنا لنكون رواداً. إنه قرار قوي يشارك فيه أولاً السيد إيلي غرونير والوزيرة غيلا غمليئيل ووزير المالية ونائب وزير الصحة الذين هم جميعاً شركاء في هذا الحراك البالغ الأهمية".
ثم أردف رئيس الوزراء نتنياهو قائلاً:
 
"أود وضع بعض النقاط على الحروف عندما أقول إن القرار القاضي بتطوير مثل هذه الصناعات لا يعود إلى الحكومة بالضرورة. فصناعة السيارات قد تطورت من تلقاء نفسها بينما اكتفينا نحن ببساطة بعدم التدخل، بحيث أننا لم نضع أي عراقيل في مسارها وذلك بتجنبنا فرط الضوابط التنظيمية أو فرض الضرائب المرتفعة فبالتالي نجحت في التطور من تلقاء نفسها ومن خلال الاستفادة بميزة الـ BIG DATA والاتصال الاجتماعي والذكاء الصناعي. إنه أمر يحدث من تلقاء نفسه، وذلك بخلاف السايبر الذي يحتاج أن تتم تغذيته وإمداده باستثمارات مستمرة من قبلنا في وحدات التجهيز وبث البيانات والمخابرات لدينا فبقاؤه مرهون بالاستثمارات الحكومية. والشيء نفسه ينطبق على مجال الصحة حيث الأمور لا تحدث فيها من تلقاء نفسها فتستلزم استثمارنا وطرح هذه الرؤية وترشيدها بصورة صحيحة وذلك ما نقوم به فعلاً.
الذي أتطلع منكم أن تعرضوا المزيد من هذه النقاط عليّ وأن تشرحوا كيف يكون من شأن عملنا هذا أن يصنع ذلك الفارق النسبي. أثناء مأدبة عشاء أقمناها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ أبرزنا له بطاقة الصحة فالتمس منا أن نزودها بواحدة. فردت عليه: إن البطاقة الواحدة ليس كافية، بحيث أنك تحتاج 1.3 مليار منها أو أقل. فتحمس جداً بهذا الأمر. في الحقيقة تتنافس كافة الدول والآلاف من الشركات على هذا الشيء الذي نقرر الاستثمار فيه اليوم.
 
الدنيا بأكملها معنية بالصحة والجميع يريد ركوب تلك السيارات وغيرها. إن الجميع مهتمون بالمواصلات ويريدون الشعور بالاطمئنان من عدم اختراق حساباتهم البنكية. إن الجميع يريد الحياة والحياة مع التمتع بصحة أفضل ولفترة أطول. إنه أفضل سوق وأقوى شيء، ليس من الناحية الاقتصادية فحسب وإنما من الناحية الإنسانية أيضاً. يمكننا أن نحدث تغييراً. إنه بشيء عظيم تتسم الإمكانيات الكامنة فيه بكونها ضخمة وذلك أقل ما يقال، وما يدفعنا إلى الاستثمار فيه. إنني عادةً لا أسارع إلى استثمار الأموال الحكومية في الرؤى فأتوخى بعض الحيطة لكوني خريج القطاع الخاص. أعتقد بأن السياسيين سرعان ما يطرحون الروى، سواء من طراز النانو أم الميكرو أم الماكرو. فلديهم شتى أنواع الروى المختلفة، إلا أنه يتعين عليها أن نكون حذرين. لغاية هذا اليوم كنا دقيقين جداً، دقيقين جداً في السايبر ودقيقين جداً في غيره من المجالات، وأعتقد بأننا نحقق مستوى عالياً جداً من الدقة هنا أيضاً. إنه ليوم تاريخي، سنتذكره برأيي لسنوات طويلة.
 
فضلاً عما تقدم قوله، أرجو تناول موضوعاً ثالثاً يتعلق بإقرار الكونغرس الأمريكي لقانون تايلور فورس. بحيث يهدف هذا القانون المسمى بعد ذلك الطالب الجامعي الأمريكي الذي قُتل في عملية إرهابية ارتكبت في مدينة يافا، تايلور فورس وعائلته الرائعة، إلى حرمان السلطة الفلسطينية من مئات الملايين من الدولارات التي ينفقونها على تشجيع الإرهاب ومراعاة عائلات الإرهابيين والقتلة أنفسهم. إنني أعتبر ذلك إشارة قوية من الولايات المتحدة تغيّر قواعد اللعبة. فهي تدل على عدم استعداد الولايات المتحدة لقبول فرضيات الماضي أو أكاذيب الماضي بالأحرى والتسامح معها. إنها ببساطة تكشف عن الكذبة تلو الأخرى ثم تقف على الحقيقة تلو الأخرى. إنني أحيي الكونغرس الأمريكي والرئيس ترمب على هذه القرارات، وأقتنع بأن جميع وزراء الحكومة الإسرائيلية يشاطرونني الموقف هذا.
أود انتهاز هذه الفرصة لأهنئ جميع مواطني إسرائيل والشعب اليهودي أينما وُجدوا بمناسبة عيد الفصح اليهودي الكوشير والسعيد بحيث أكرر نصيحتي الجيدة وأدعوكم إلى السفر في بلادنا الجميل وتناول الكثير من الخاروسيت.
فعيد سعيد.