كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في مراسم تسجية جثمان الممثل الكوميدي الراحل سيفي ريفلين الذي وافته المنية أمس

"يا سيفي حبيبنا، إننا نودّعك اليوم لكننا سنبقى إلى الأبد مع ضحكتك وابتسامتك البهية وعينيْك الزرقاويْن والغمزة في الخلف. إنك كنت من الممثلين والكوميديين الأكثر موهبة ممن لدينا، حيث كنت موهوباً من قمة الرأس إلى أخمص القدميْن. وكانت تكفينا حركة بسيطة في وجهك لجعلنا ننفجر ضحكاً. وأعتقد بأن ممثلين قلائل ليس إلا كان لديهم حضور كهذا على المسرح وقدرة كهذه على سحر الجمهور دفعة واحدة والعبث به كالمعجونة. وكنتَ قد أضحكتني، بل أضحكتنا جميعاً، على مدى أجيال. وكان مزحك مقترناً بالذهن المتوقد وأيضاً بحسن الذوق.

لقد أحببتَ المسرح والجمهور، فيما كان الجمهور يحبّك سواء الأطفال أو الكبار. وكان هناك سيفي بطل (بيت فيستوك) [مسلسل شهير للأطفال] وسيفي بطل (تنظيف الرأس) [مسلسل ساخر] وسيفي بطل (هذا هو) [مسلسل كوميدي] وسيفي الشريك والمبدع الرئيسي في الكثير الكثير من محطات حياتنا الثقافية.

لعل الشعب الذي عرف الكثير من الحروب والآلام كان يحتاج إليك لتمنحه، بل لتمنحنا، الكثير والكثير من الضحك والفرح. هذه هي المشاعر التي كانت تختلج عند سيفي، حيث كانت تكمن فيه البهجة والتفاؤل مما ملأ قلوبنا وانتقل كـ'العدوى' إلى أجيال متعاقبة من الإسرائيليين.

عندما كنتَ تشاهد سيفي كنت تبتسم؛ وعندما كان يبدأ حديثه كنت تنفجر ضحكاً؛ غير أنه كانت هنالك لحظات أصبح فيها رجلاً شديد الرصانة والغوص في الأمور. إنه كان يكافح من أجل آرائه الصهيونية والوطنية حتى في الوقت الذي كانت تحيط به روح أخرى، حتى في وقت لم يكن موقفه يحظى بالشعبية. إن عزيمته لم تلِن قط لأنه كان يرى وجوب الصمود من أجل المستقبل. إنه كان رجلاً يفكر ويعتني بمصير بلاده وشعبه، وكان أي حديث جرى معه يجمع بين خاصّيتيْ المزح والتفكير العميق.

لقد اكتشفتُ في تلك الأحاديث معه 'طبقات' كثيرة من الفهم العميق لتأريخ شعبنا وتأريخ الحركة الصهيونية وتأريخ مشروع الاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل، ذلك المشروع الذي كانت عائلتك، يا سيفي، جزءاً منه. كما أنني اكتشفت أمراً آخر: لقد اكتشفتُ رجلاً كان يمثُل في لحظات الغمّ، لا بل في أصعب اللحظات التي تشكل محكاً لاختبار الصداقة، وكان سيفي يمثل فيها كالصديق الحقيقي. لقد كنتَ أخاً وصديقاً لي. كما أنني لن أنسى كم كنت تتمنى تقديم كل ما لديك حتى بعد سكوت صوتك [قاصداً فقدان الراحل القدرة على النطق بسبب المرض الذي أصابه]، ذلك لأن دولتنا كانت تهمّك حتى في الوقت الذي كنت تعاني فيه أشد المعاناة.

لقد أبلغتنا بكلماتك المكتوبة الرسالة التالية: إحْموا إسرائيل! وسوف نمضي قدماً مؤتمرين بهذا الأمر. سيفي عزيزنا، لقد أثبتّ حتى خلال تلك السنوات الصعبة من مقاومة المرض الشجاعة النادرة، حيث لم تتراجع بل كنت تبثّ التفاؤل بل كنت تريد البقاء واقفاً على خشبات المسرح. وحتى بعدما غاب صوتك (وأعتقد بأنك كابدتَ كثيراً لأن صوتك كان روحك) ظللتَ تُسمِعه، بل علَّمتنا جميعاً درساً عن قوة الإرادة.

ولا أزال أتذكر، يا رينا [زوجة الممثل المرحوم ريفلين]، كيف كان قد جاء إليّ قبل 8 أو 10 سنوات وقال لي ' أودّ مكافحة المرض' وعرض التعامل مع أطباء من بوسطن في محاولة لتجميع القوى لمكافحة المرض. وقد خطُرت لي حينذاك خاطرة: 'إن هذا الرجل لا يستسلم بل إنه مستعد دائماً لبث الأمل والإيمان والقوة'، وقد استهواني بهذا الكلام. وبقيتُ أتمنى حتى اللحظة الأخيرة (كما كنا قد تحدثنا عن ذلك يوم السبت الماضي) أن يؤتي هذا الأمل ثماره وأن لا يقضي الموت على سيفي، لكن قُضي عليه، فيما أنه بقي حتى لحظاته الأخيرة محاطاً بمحبّة جميعنا له، وأولاً بمحبّة عائلتك، يا رينا، وشقيقك إفرايم وأولادك وحفادك، بالإضافة إلى 'العائلة الكبرى' من أصدقاء الراحل سيفي من الفنانين الذين اعتبروه رغم تباين المواقف [السياسية] أخاً وشريكاً لهم.

أرجو تقديم [التعازي] لعائلة ريفلين التي تواصل تقليداً صهيونياً يعود إلى جيل الأجداد، والديْ سيفي وبخاصة والده الذي كان مقاتلاً في 'التنظيم العسكري الوطني' [المعروف اختصاراً باسم (إيتسيل) والذي كان تنظيماً سرياً يمينياً حارب الانتداب البريطاني قبل قيام الدولة ثم انبثق عنه حزب الليكود الذي يقوده رئيس الوزراء] وناضل من أجل استقلال إسرائيل. أرجو القول إننا فقدنا رجلاً لن ننساه أبداً. مع السلامة، يا سيفي، أيها الصديق الحبيب، ستظل ضحكتك ومحبّتك وإيمانك بعدالة طريقنا ترافقنا ما دُمنا أحياء. طيّب الله ذكراك".