كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أمام مؤتمر اللوبي الأميركي المؤيد لإسرائيل (إيباك) في واشنطن 2.3.15

16000 شخصاً [من المؤتمرين]. هل يوجد هنا شخص جاء من كاليفورنيا؟ من فلوريدا؟ من نيويرك؟ (طيب، هذا شيء بسيط) [بالنظر إلى كثرة عدد اليهود الأميركيين في هذه الولايات] وماذا بالنسبة لكولورادو؟ وإنديانا؟ (أعتقد بأنني فهمت..) [معنى التصفيق الحادّ الذي قوبل به عند إشارته إلى كل من هذه الولايات] ومونتانا؟ وتكساس؟ إنكم تحضرون هنا بأرقام قياسية، وإنكم تمثلون كافة المناطق من الساحل [الشرقي] إلى الساحل [الغربي للولايات المتحدة] أي من كل أرجاء هذه البلاد الواسعة.
 
كما أنكم تحضرون هنا في ساعة حرجة. إنكم تحضرون هنا لتقولوا للعالم إن التقارير الإخبارية عن انحدار العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة ليست سابقة لأوانها فحسب بل إنها بكل بساطة خاطئة. إنكم هنا لتقولوا للعالم إن التحالف بيننا أقوى من أي وقت مضى، حيث سيتعاظم هذا التحالف أكثر فأكثر خلال السنوات المقبلة بفضلكم وبفضل الملايين من أمثالكم في كافة ربوع هذه الدولة الكبرى.
 
أرجو تقديم الشكر لبوب كوهين، ومايكل كاسين، وهوارد كور وجميع قيادات "إيباك". أشكركم على عملكم المخلص والمتواصل من أجل تعزيز الشراكة بين إسرائيل والولايات المتحدة. كما أخصّ بالشكر أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين [الذين يحضرون الخطاب] حيث أقدّر دعمكم الراسخ لإسرائيل عاماً بعد عام تقديراً عميقاً. إننا مدينون لكم بالشكر والامتنان من أعماق القلب.
 
كما أرجو تهنئة  الرئيس التشيكي [ميلوش] زيمان [الذي حضر أيضاً المؤتمر لا بل خاطبه بنفسه في وقت سابق]. أيها السيد الرئيس، إن إسرائيل لن تنسى أصدقاءها أبداً. وكان الشعب التشيكي دوماً صديقاً حقيقياً لإسرائيل وللشعب اليهودي وذلك منذ أيام توماس ماساريك [رئيس حركة الاستقلال التشيكوسلوفاكية وأول رئيس لتشيكوسلوفاكيا 1918-1935] في فترة بدايات الحركة الصهيونية. يجب أن تعلم، أيها السيد الرئيس [التشيكي]، بأنني كنت قد تسلمتُ بندقية تشيكية عند التحاقي بجيش الدفاع عام 1967. وكانت هذه البندقية من  البنادق التي كان شعبك قد زوّدنا بها عندما كنا بحاجة إليها عام 1948 [إبان حرب الاستقلال]. لذا أشكرك على حضورك هنا اليوم.
 
كما يتواجد هنا صديقان أكبران لإسرائيل هما رئيس الوزراء الإسباني الأسبق خوزيه ماريا أزنار ووزير الخارجية الكندي السابق (الذي اعتزل منصبه الشهر الماضي) جون بيرد. أشكر كليْكما على دعمكما غير المشروط، حيث تقفان دوماً إلى جانب إسرائيل وإلى جانب الحقيقة.
 
وأرجو أيضاً التعبير عن تقديري لسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل دان شابيرو، حيث [أشكرك]، يا دان، على صداقتك الحقيقية وعلى عملك المتميز ممثلاً للولايات المتحدة ودولة إسرائيل على حد سواء. وأود أيضاً التعبير عن تقديري لـ"رونَيْن" [شخصيْن اسم كليهما "رون"] وهما أولاً السفير رون بروس أور الذي [أشكره] على عمله المثالي في الأمم المتحدة [سفيراً لإسرائيل فيها] علماً بأنها ساحة صعبة للغاية، ثم أرجو التعبير عن تقديري لرون الثاني وهو شخص يعرف كيف يتعامل مع النار التي تُطلَق عليه [أي مع الانتقادات الموجَّهة لأدائه]، ألا وهو سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة رون دريمير. يا رون، ما من شخص أكثر فخراً مني بكونك ممثلاً لإسرائيل في واشنطن.
 
وأرجو أخيراً التعبير عن تقديري لزوجتي سارة التي أستلهم بشجاعتها أمام الصعوبات. إذ إنها تقسم وقتها بين عملها كخبيرة نفسانية متخصصة بالتعامل مع الأطفال وبين واجباتها كأم حنون ثم واجباتها العامة بصفتها زوجة لرئيس الوزراء. يا سارة، إنني فخور أشد الفخر بكونك معي اليوم وبوقوفك إلى جانبي دوماً.
 
أصدقائي، إنني أحمل معي التهاني من أورشليم القدس عاصمتنا الأبدية غير المقسَّمة. كما أنني أحمل معي أخباراً لعلكم لم تعلموا بها [قال ذلك مازحاً] حيث أخاطب غداً الكونغرس. ولم يُكتب في أي مناسبة سابقة هذا الكم الهائل من الكلام عن خطاب لم يتم إلقاؤه بعد كما في الحالة هذه. ولا أنوي الحديث اليوم عن مضمون ذلك الخطاب، لكنني أرجو الحديث ببضع كلمات عن الهدف من إلقائه.
 
دعوني أولاً أن أوضح ما لا يستهدفه الخطاب. إنه لا يهدف إلى إبداء أي نوع من أنواع عدم الاحترام تجاه الرئيس [الأميركي باراك] أوباما أو تجاه المنصب المرموق الذي يتبوأه، حيث أكنّ الاحترام البالغ لكليْهما. إنني أقدر تقديراً عميقاً كل ما يقوم به الرئيس أوباما من أجل إسرائيل سواء من حيث التعاون الأمني والتبادل الاستخباري أو الدعم [لإسرائيل] في الأمم المتحدة وغيرها من الإجراءات الكثيرة والمعيّنة التي أعجِز حتى- بصفتي رئيساً لحكومة إسرائيل- عن الكشف عنها أمامكم كونها تتعلق بمجالات خاصة بالثقة القائمة بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي. إنني مدين بالشكر من أعماق قلبي لهذا الدعم، ويجب عليكم أن تتخذوا الموقف ذاته.
 
كما أن خطابي [أمام الكونغرس] لا يستهدف إقحام إسرائيل في الجدل الحزبي الأميركي. إن أحد الأسباب الرئيسية لتعزيز التحالف بيننا على مر السنين عقداً بعد عقد ما هو إلا دعم كلا الحزبيْن [الديمقراطي والجمهوري] له، ويجب الإبقاء على هذا الوضع. وكان رؤساء [أميركيون] ديمقراطيون وجمهوريون على حد سواء قد عملوا مع أصدقاء من طرفيْ الكونغرس لتعزيز إسرائيل والتحالف بين دولتيْنا، حيث إنهم قدموا لإسرائيل بفضل هذا العمل المشترك المساعدات العسكرية السخية وقاموا بتمويل مشاريع الحماية من الصواريخ. وقد شهدنا خلال الصيف الماضي [قاصداً خلال عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة] مدى أهمية هذا الأمر.
 
وكان هؤلاء [الرؤساء والسياسيون الأميركيون] قد جعلوا إسرائيل قبل 30 عاماً أول شريك لأميركا [الولايات المتحدة] في مجال التجارة الحرة، ثم جعلوا [إسرائيل] العام الماضي أول شريك إستراتيجي رسمي [للولايات المتحدة]. كما أنهم كانوا يساندون إسرائيل عندما كانت تدافع عن نفسها في الحرب وكذلك في جهودنا الرامية إلى تحقيق السلام الدائم مع جيراننا.
 
وقد أصبحت إسرائيل أقوى بفضل هذا العمل المشترك، كما أن هذا العمل جعل التحالف القائم بيننا أكثر متانة. ولهذا السبب فإن آخر ما يهتمّ به كل مَن تعزّ إسرائيل على قلوبهم، ناهيك عن آخر ما أهتمّ به شخصياً، هو استحالة الموقف من إسرائيل إلى قضية حزبية. ويؤسفني أن يكون هناك البعض ممن فسّروا مغزى زيارتي هنا هذا الأسبوع على هذا الأساس. إن إسرائيل كانت دوماً قضية غير حزبية [في الولايات المتحدة] ويجب أن تبقى قضية غير حزبية.
 
سيداتي وسادتي،
إن الهدف من خطابي في الكونغرس غداً هو إسماع صوتي في مسألة الاتفاق المحتمل مع إيران التي من شأنها أن تهدد مجرد وجود إسرائيل. إن إيران هي الراعي الأول للإرهاب في العالم. أنظروا إلى الخارطة، إنها تُظهر كيف تقوم إيران بتسليح وتدريب وتشغيل الإرهابيين في القارات الخمس. إن أجنحتها الإرهابية تكتنف المعمورة جمعاء. وإذا كانت إيران تقوم الآن بهذه الممارسات في الوقت الذي لا تملك فيه السلاح النووي، فتصوَّروا إجراءاتها حال امتلاكها السلاح النووي.
 
إنها إيران ذاتها التي كانت قد أقسمت بالله بأنها ستدمّر إسرائيل. وإذا طوّرت السلاح النووي فإنها ستمتلك الوسائل اللازمة لتحقيق هذا الهدف. ولا يجوز لنا السماح بحدوث هذا الأمر. وأحمل بصفتي رئيساً لحكومة إسرائيل الالتزام الأخلاقي بأن أطلق صوتي إزاء هذه المخاطر طالما بقي هناك وقت لمنع وقوعها.
 
وكان شعبي، الشعب اليهودي، طيلة ألفيْ عام يفتقد الدولة والحماية والصوت. وكنا عاجزين تماماً إزاء أعدائنا الذين أقسموا بالله بأنهم سيقضون علينا. وقد تعرضنا لعدد لا حصر له من عمليات الاضطهاد والهجمات الفظيعة. ولم يكن قط في مقدورنا الدفاع عن أنفسنا كلامياً، ناهيك عن حماية أنفسنا على أرض الواقع.
 
لكن كفى! لن يتكرر هذا الوضع أبداً! إن العصور التي كان فيها الشعب اليهودي يتخذ موقفاً سلبياً من التهديدات بالقضاء عليه قد ولّت إلى غير رجعة. أما الآن، في دولتنا السيادية إسرائيل، فندافع عن أنفسنا. وفي إطار جهودنا للدفاع عن النفس فإننا  نتحالف مع الآخرين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، دفاعاً عن حضارتنا المشتركة إزاء التهديدات المشتركة.
 
ويشار إلى أن منطقتنا- وأيضاً جميع مناطق العالم بشكل أبرز من ذي قبل- تخلو من التحالفات مع الضعفاء، حيث يتم البحث عن [التحالفات مع] أصحاب القوة والعزيمة على القتال. هكذا تنشأ التحالفات. وعليه ندافع عن أنفسنا ونكوِّن بذلك القاعدة لبناء التحالف الأوسع نطاقاً.
 
ولم نعُد حالياً صامتين كما كنّا بل لدينا صوتنا. وأعتزم غداً، بصفتي رئيس حكومة الدولة اليهودية الواحدة الوحيدة، إطلاق هذا الصوت. إنني أنوي الحديث عن النظام الإيراني الذي يهدد بإبادة إسرائيل، والذي يسيطر على دولة تلو أخرى في أنحاء الشرق الأوسط، والذي يصدّر الإرهاب إلى العالم أجمع، والذي يطور- في ساعة تحادثنا هنا- القدرة على إنتاج القنابل النووية الكثيرة.
 
سيداتي وسادتي،
إن إسرائيل والولايات المتحدة متفقتان على ضرورة منع إيران من امتلاك السلاح النووي. غير أنه توجد بيننا خلافات حول طريقة منع إران من تطوير هذا السلاح. إن الخلافات التي تندلع أحياناً بين الحلفاء لهي أمر طبيعي، ولو كانوا الحلفاء الأقربين.
 
كما أن هناك فوارق هامة بين أميركا [الولايات المتحدة] وإسرائيل: إن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة كبيرة [بمساحتها] لا بل إنها من أكبر الدول. أما إسرائيل فهي دولة صغيرة [بمساحتها] لا بل إنها من أصغر الدول. كما أن أميركا تقع في أحد "الأحياء" [المناطق] الأكثر أمناً في العالم، بينما تقع إسرائيل في أحد "الأحياء" الأكثر خطورة في العالم. إن أميركا هي أقوى دولة عظمى في العالم، بينما تكون إسرائيل قوية لكنها أكثر عرضة للإصابة بكثير. ويراعي القادة الأميركيون أمن دولتهم فيما يراعي القادة الإسرائيليون مجرد وجود دولتهم. وأعتقد بأن هذا القول يؤكد خلاصة وجه الاختلاف بين الدولتيْن. لقد تولّيتُ رئاسة الحكومة على مدى 9 سنوات ولم يمرّ يوم- أي يوم- إلا وكنت أفكر فيه عن بقاء إسرائيل والخطوات التي أتخذها لضمانه. لم يمرّ أي يوم لم يكن كذلك.
 
وبناءً على هذه الفوارق فقد شهدت العلاقات بين أميركا وإسرائيل الممتدّة منذ قرابة 70 عاماً عدة خلافات خطيرة. وقد اندلعت الخلافات منذ البداية. إذ كان وزير الخارجية الأميركي [جورج] مارشال قد عارض عام 1948 نية دافيد بن غوريون الإعلان عن استقلال، علماً بأن المفردة "كان يعارض" هي أقل ما يمكن قوله استلطافاً عن موقف [مارشال] ذلك لأن معارضته كانت حازمة. غير أن بن غوريون الذي أدرك خطورة القضية المطروحة على المحكّ كان مصراً على موقفه وأعلن عن استقلال إسرائيل.
 
ثم جاء عام 1967 حيث تم تشديد الطوق الخانق العربي حول رقبة إسرائيل، وعندها حذرت الولايات المتحدة رئيس الوزراء ليفي إشكول من أن إسرائيل ستبقى وحيدة [في هذه الحرب] إذا تحركت بمفردها. غير أن إسرائيل تحركت بمفردها فعلاً دفاعاً عن نفسها.
 
أما عام 1981 فشهد قيام إسرائيل، التي كانت تخضع لقيادة رئيس الوزراء مناحيم بيغن، بتدمير مفاعل "أوسيراك" النووي [العراقي]. وعندها انتقدت الولايات المتحدة إسرائيل وجمّدت شحنات أسلحتها [لإسرائيل] لمدة 3 أشهر.
 
وفي عام 2002، بعد تعرض إسرائيل لأفظع موجة في تأريخها من الإرهاب الفلسطيني، قرر رئيس الوزراء أريئيل شارون إطلاق حملة "السور الواقي". وعندها طالبت الولايات المتحدة إسرائيل بسحب قواتها [من المدن الفلسطينية] فوراً لكن شارون أصرّ على مواصلة الحملة حتى إنجازها.
 
هناك ما يدعوني لإعادة كل هذه التفاصيل إلى أذهانكم، حيث أريد توضيح نقطة معيّنة. ذلك لأن الصداقة بين أميركا وإسرائيل- رغم ما شابها أحياناً من خلافات- إنما تعززت باستمرار عقداً بعد عقد، كما أن هذه الصداقة ستصمد أيضاً الخلاف الحالي لا بل إنها ستترسّخ أكثر فأكثر مستقبلاً. ودَعوني أقول لكم لماذا: إذ يعود السبب إلى أننا نتقاسم نفس الأحلام ونصلي ونتمنى ونتطلع إلى نفس العالم الأفضل مما هو عليه حالياً، إضافة إلى حقيقة كون القيم التي تربط بيننا أقوى بكثير من الخلافات التي تفصل بيننا. إنها قيم من قبيل الحرية والمساواة والعدالة والتسامح والرأفة.
 
وفي الوقت الذي تنحدر فيه منطقتنا [الشرق الأوسط] إلى مشهد من الهمجية القروسطية، فإن إسرائيل هي التي تصون القيم التي نشترك فيها؛ وفي الوقت الذي يقوم فيه الأسد [الرئيس السوري] بإلقاء القنابل على أبناء شعبه، فإن الأطباء الإسرائيليين يعالجون ضحاياه في مستشفياتنا الموجودة خلف السياج [الحدودي] في هضبة الجولان؛ وفي الوقت الذي يتم فيه قطع رؤوس المسيحيين في الشرق الأوسط وتصبح مجتمعاتهم القديمة في حالة من الانقراض، فإن المجتمع المسيحي في إسرائيل يتزايد ويزدهر ليصبح حالة فريدة من نوعها في الشرق الأوسط؛ وفي الوقت الذي تتعرض فيه النساء في المنطقة للقمع والاستعباد والاغتصاب، فإن النساء في إسرائيل يتولّين رئاسة المحكمة العليا ويشغلن مناصب المديرات العامات [للشركات] أو يمارسن وظائف الطيّارات المقاتِلات. إن إسرائيل هي منارة من الإنسانية والضوء والأمل في الشرق الأوسط الهمجي والمظلم واليائس.
 
سيداتي وسادتي،
إن إسرائيل والولايات المتحدة ستبقيان واقفتيْن جنباً إلى جنب. ذلك لأن أميركا وإسرائيل هما أكثر من صديقتيْن. إننا نُشبه العائلة الواحدة. وقد تكون الخلافات داخل العائلة مزعجة في جميع الحالات، لكن حريّ بنا أن نتذكر دوماً أننا عائلة تعود جذورها إلى التراث المشترك. إننا عائلة تلتزم بالقيم المشتركة وتتقاسم المصير المشترك.
 
هذه هي الرسالة التي آتي بها إليكم اليوم. إن التحالف بيننا راسخ والصداقة بيننا قوية، لا بل إنها- بمعاونتكم- ستزداد قوة خلال السنوات المقبلة. شكراً لكم أعضاء "إيباك". شكراً لكِ أميركا. بارك الله جميعكم.